هذا الحديث يرويه إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقد تابَع إسماعيل بن جعفر جماعة آخرون، أنا كتبتهم لكم، منهم الإمام مالك، عن عبد الله بن دينار، ف مالك تابع إسماعيل بن جعفر، ومتابعة الإمام مالك أخرجها الإمام البخاري في كتاب العلم، وستأتي هذه الرواية، قال: حدثنا إسماعيل شيخ البخاري، الذي هو إسماعيل بن أبي أُويس، وأخرجه الترمذي من طريق معن بن عيسى، وهو أحد أصحاب مالك، وأخرجه أحمد في مسنده قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو، وأخرجه ابن مندة في كتاب: الإيمان، وابن عبد البر في كتاب: جامع بيان العلم وفضله، كلاهما من طريق القعنبي، كلهم قالوا: حدثنا مالك بهذا الإسناد، عندك مالك وإسماعيل عن عبد الله بن دينار، هذه موافقة.
فالآن عندنا الإمام البخاري روى متابعة مالك التي رواها عن عبد الله بن دينار، في كتاب العلم قال: حدثنا إسماعيل ابن أبي أويس، ورواها الترمذي من طريق معن بن عيسى، صارا اثنين: إسماعيل بن أبي أويس ومعن بن عيسى، ورواها أحمد في مسنده قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو، فصاروا ثلاثة ورواها ابن مندة في كتاب: الإيمان، وابن عبد البر في: جامع العلم، من طريق القعنبي، ما اسم القعنبي؟ عبد الله بن مسلمة القعنبي، هؤلاء الأربعة قالوا جميعاً: حدثنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، وساقوا الحديث بمثله سواء.
إذاً عندنا ابن أبي أويس ومعن وعبد الملك بن عمرو والقعنبي، هذه اسمها متابعات ماذا؟ تامة، عن من؟ عن مالك.
هؤلاء الأربعة عندما يروون عن مالك عن عبد الله بن دينار، فهم تابع بعضهم بعضاً متابعة تامة.
فلو أردنا أن نرجع للإسناد الذي قلناه قبل قليل فسنقول: علي بن حُجْر، ويحيى بن أيوب المقابري، وقتيبة بن سعيد، الثلاثة هؤلاء يروون الحديث عن إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، والأربعة الآخرون رووا الحديث عن مالك عن عبد الله بن دينار، إذاً الثلاثة هؤلاء تابعوا الأربعة عن مالك متابعة ناقصة؛ لأنه اختلف الشيخ، الثلاثة الأوَل شيخهم من؟ إسماعيل بن جعفر، والأربعة الآخرون شيخهم مالك، ثم مالك وإسماعيل بن جعفر شيخهم من؟ عبد الله بن دينار.
إذاً الثلاثة الأوَل شيخهم يختلف عن شيخ الأربعة الآخرين، الثلاثة الأُوَل شيخهم إسماعيل بن جعفر، والأربعة الآخرون شيخهم مالك، واتفقوا في شيخ الشيخ الذي هو عبد الله بن دينار، فإذاً مالك تابَع إسماعيل متابعة تامة، والأربعة هؤلاء تابعوا الثلاثة هؤلاء متابعة ناقصة.
والمتابعة الثانية لـ إسماعيل بن جعفر تابَعه سفيان بن سعيد الثوري، وهذه المتابعة أخرجها الإمام عبد بن حميد في كتاب: المنتخب من المسند، عبد بن حميد كما نعرف له: المسند، وله: التفسير، ولكن المسند كله لم نظفر به ولا نعلم عنه شيئاً، إنما وصلنا المنتخب من هذا المسند، والتفسير أيضاً غير موجود، لكن بالنسبة للتفسير رأيت مختصراً أو منتخباً من تفسير عبد بن حميد مكتوباً على حاشية تفسير ابن أبي حاتم، كأن الناسخ انتخب من تفسير عبد بن حميد آثاراً وأحاديث، وكتبها على حاشية تفسير ابن أبي حاتم.
عبد بن حميد روى هذه المتابعة أي: متابعة سفيان الثوري في كتاب: المنتخب من المسند، قال عبد بن حميد: حدثنا عمر بن سعد - وعمر بن سعد مشهور بكنيته أكثر من اسمه، كنيته أبو داود الحفري - قال: حدثنا سفيان، نحن نعرف أنه سفيان الثوري وليس سفيان بن عيينة بالنظر إلى الراوي عن سفيان، وقد قلت قبل ذلك: كيف نميز بين رواية السفيانين؟ قلنا: ننظر إلى أصحابه، فإذا رأينا أصحاب سفيان كباراً فهو الثوري، وإذا وجدناهم صغاراً فهو ابن عيينة، يعني: إذا نظرنا في الراوي عن سفيان فوجدنا مثلاً أن الراوي عنه: أبو داود الحفري أو عبيد الله بن موسى أو أبو نعيم الفضل بن دكين، أو أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني، أو يحيى بن سعيد القطان، أو محمد بن يوسف الفريابي أو وكيع بن الجراح أو عبد الرحمن بن مهدي أو يزيد بن هارون، كل هؤلاء حين يقولون: حدثنا سفيان، في الغالب هو سفيان الثوري.
إنما إذا رأينا الذي يقول: حدثنا سفيان مثل: أحمد بن حنبل، أو الحميدي، أو قتيبة بن سعيد، أو علي بن المديني، أو أحمد بن منيع، أو محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، أو محمد بن حاتم كل هؤلاء إذا قالوا: حدثنا سفيان، فهو ابن عيينة.
والمجموعة الذين سميناهم قبل ذلك إذا قالوا: حدثنا سفيان فهو من؟ الثوري.
نحن نعرف كيف نميز بين الاثنين بمعرفة الطبقات، وقد روى هذا الحديث أيضاً سفيان بن عيينة، قال: حدثنا عبد الله بن دينار، إذاً روى السفيانان هذا الحديث عن ابن دينار، وهذه المتابعة ل سفيان بن عيينة رواها الإمام الحميدي في مسنده مختصرة جداً، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عبد الله بن دينار وساق الإسناد بمثله سواء.
أنا أحس أنني أثقل عليكم، أليس كذلك؟! ولكن إن شاء الله مع تتابع الدروس؛ ستصبح هذه المسائل واضحة بالنسبة لكم، لماذا؟ لأننا نعطيكم المفاتيح، فحتى تستطيع أن تدافع عن السنة وتكون فارساً حقاً، وكيف إذا جاء شخص يطعن في البخاري، وتستطيع أن ترد عليه؟ فلا بد أن تعرف كيف صنف البخاري كتابه! وكيف رتب كتابه، وكيف تتم المتابعات! وهل هذا اختلاف تضاد أم اختلاف تنوع؟! إذا فهمت هذه المسائل فإنه لا يستطيع أحد أن يغلبك.
وعلم الحديث علم غريب، فلا تغرك مئات الكتب والأجزاء التي تظهر الآن، كل هؤلاء الذين خرجوا فلان وفلان وفلان لا يمتون إلى علم الحديث إلا بصلة ضعيفة، علم الحديث لم يكن مجرد أن تقول: أخرجه فلان وفلان وفلان وما شابه ذلك، لا.
علم الحديث هو علم النقد ومعرفة العلل.
إذا عرف الشخص والطرق، وعرف كيف يميز الأحاديث المضطربة عن غيرها، واستطاع أن يرجِّح ترجيح العلماء، فهذا هو الذي نال شرف خدمة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويروي أيضاً هذا الحديث عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، كل هؤلاء طبقة واحدة أي: إسماعيل بن جعفر، ومالك، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، هؤلاء أربعة إلى الآن تابع كل منهما أصحابه في الرواية عن من؟ عن عبد الله بن دينار.
هذه المتابعة ل عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون أخرجها الإمام أحمد في مسنده قال: حدثنا هاشم - هاشم هو ابن القاسم، كنيته أبو النضر - والإمام أحمد مرة يقول: حدثنا أبو النضر، ومرة يقول: حدثنا هاشم، وكلاهما واحد، وحجين بن المثنى، فكم عندنا؟ اثنان: هاشم بن القاسم وحجين بن المثنى.
وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره من طريق يحيى بن حماد، يعني: ثلاثة، الثلاثة هؤلاء قالوا: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر.
المتابعة الرابعة أو الخامسة: يرويها عبد العزيز بن مسلم القسملي، وهذه المتابعة أخرجها ابن حبان في صحيحه من طريق أبي عمر الضرير، وأخرجها ابن جرير الطبري من طريق عاصم بن علي قالا: -الذين هم أبو عمر الضرير وعاصم بن علي - قالا: حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر.
المتابعة السادسة: هي لـ موسى بن عبيدة الربذي، وهذا يُضعَّف