وأما قوله عليه السلام: (وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد) ، ففيه حجة لقول مالك، والليث، وأبى حنيفة أن المأموم يقتصر على أن يقول: ربنا ولك الحمد، دون أن يقول: سمع الله لمن حمده، سيأتى قول من خالف هذا فى بابه إن شاء الله، وكذلك اختلفوا فيمن صلى أمام إمامه، فقال الكوفيون، والثورى، والشافعى فى رواية البويطى: لا تجزئه. وقال مالك، والليث: تجزئه، ذكره الطحاوى، وقال ابن المنذر: إن قول إسحاق، وأبى ثور، كقول مالك، والليث، واحتج ابن القصار لمالك بأن دار آل عمر بن الخطاب كانت أمام المسجد، وكانوا يصلون بصلاة الإمام فى المسجد، ولا مخالف فيه، وحجة من خالف ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إنما جعل الإمام ليؤتم به) ، فإذا كان قدامه فقد خرج عن الموضوع. قيل له: إنما قيل الإمام؛ لأن أفعاله متقدمة لأفعالهم، ولم يرد بذلك الموضع؛ ألا ترى أن المأموم قد يقف عن يمين الإمام، فليس الإمام أمامه، ولو وقف الإمام عن ذراعين من الكعبة، ووقف المؤتمون به عن ذراع منها، لأجزأتهم صلاتهم، فثبت أن المراد اتباع أفعاله فى الصلاة، حتى توقع أفعاله بعد أفعاله، والله الموفق. وأما قوله عليه السلام: (وإذا صلى جالسًا، فصلوا جلوسًا أجمعون) ، فاختلف العلماء فى إمامة الجالس، فقالت طائفة: يجوز أن يؤم الجالس الجلوس إذا كان الإمام مريضًا، وإن كان من خلفه قادرين على القيام، روى هذا عن عطاء، وهو قول الأوزاعى، وأحمد، وإسحاق. وقالت طائفة: يجوز أن يصلى القيام خلف الإمام القاعد، ولا يسقط عنهم فرض القيام، لسقوطه عن إمامهم، هذا قول أبى حنيفة،