كتاب آخر: والعمل بعده فى كل شىء أحسن؛ لقوله عليه السلام: (إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا) ، وقاله أحمد بن حنبل وهو معنى قول الشافعى. وحجة هذا القول، قوله عليه السلام: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا) ، فجعل فعلهم عقيب فعله، فالفاء للتعقيب، وإذا لم يتقدمه الإمام بالتكبير، والسلام، فلا يصح الائتمام به؛ لأنه محال أن يدخل المأموم فى صلاة لم يدخل فيها إمامه، ولا يدخل فيها الإمام إلا بالتكبير، والإمام اشتق من التقدم، والمأموم من الاتباع، فوجب أن يتبع فعل المأموم بعد إمامه. ووجه قول ابن أبى سلمة، وابن القاسم، وابن عبد الحكم أنه يجزئه إحرامه معه؛ لأن الائتمام معناه الامتثال لفعل الإمام، فهو إذا فعل مثل فعله، فسواء أوقعه معه أو بعده، فقد حصل ممتثلاً لفعله. واختلفوا فيمن ركع أو سجد قبل إمامه، فروى عن ابن عمر أنه قال: لا صلاة له، وهو قول أهل الظاهر. وروى عن عمر بن الخطاب أنه من رفع رأسه قبل الإمام فى ركوع أو سجود، فليضع رأسه بعد رفعه إياه، كقول ابن مسعود، قال الحسن والنخعى: إذا رفع من السجود قبله يعود فى سجدته قبل أن يرفع الإمام رأسه، وهو قول مالك، وأحمد، وإسحاق. وقال الشافعى، وأبو ثور: إذا ركع أو سجد قبله فأدركه الإمام وهو راكع أو ساجد فقد أساء، ويجزئه، وقد شذَّ الشافعى فقال: إن كبر للإحرام قبل إمامه، فصلاته تامة.