السلام، الصلاة ذلك الوقت لما تقدم من نهيه عن الصلاة عند طلوع الشمس، وقال أصحاب مالك، والشافعى وغيرهم: إنما أخر صلاته بمقدار ما توضأ الناس، وتأهبوا للصلاة، وفى ذلك المقدار ارتفعت الشمس. وقد جاء هذا المعنى فى بعض طرق الحديث، ذكره فى كتاب الاعتصام فى باب: المشيئة والإرادة، وقال فيه: (فقضوا حوائجهم، وتوضئوا إلى أن طلعت الشمس، وابيضّت، فقام فصلى) ، وقد روى عطاء أن نبى الله إنما أمرهم بالخروج من ذلك الوادى على طريق التشاؤم به، وقال لهم: (اخرجوا من الوادى الذى أصابكم فيه الغفلة) ، كما نهى عليه السلام، عن الصلاة فى أرض بابل، وحجر ثمود، وعن الوضوء بمائها، وهو مثل قوله فى حديث مالك، عن زيد بن سلم: (إن هذا واد به شيطان) ، فكره الصلاة فى البقعة التى فيها الشيطان؛ إذ كان السبب لتأخير الصلاة عن وقتها، وقد روى جبير بن مطعم فى حديث نومه عن الصلاة، أنهم لم يستيقظوا حتى ضربهم حَرُّ الشمس. قال المهلب: وقد قال ابن وهب، وعيسى بن دينار: إن خروجهم من الوادى منسوخ بقوله: (وأقم الصلاة لذكرى) [طه: 14] ، وهذا خطأ؛ لأن (طه) مكية، وقصة نومه عن الصلاة كان بالمدينة، ومما يدل على ذلك قول ابن مسعود: بنو إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء، هن من العتق الأول، وهن من تلادى، يعنى أنهن من أول ما حفظه من القرآن واستفاده، و (التلاد) قديم ما يفيده الإنسان من المال وغيره.