اختلف أهل العلم فى الأذان بعد ذهاب الوقت، فذهب أحمد بن حنبل، وأبو ثور إلى جواز ذلك، واحتجا بهذا الحديث، وقال الكوفيون: إذا نسى صلاة واحدة، وأراد أن يقضيها من الغد، يؤذن لها ويقيم، فإن لم يفعل فصلاته تامة، وقال الثورى: ليس عليه فى الفوائت أذان ولا إقامة، وقال محمد بن الحسن: إن أذن فى الفوائت فحسن، وإن صلاهن بإقامة إقامة كما فعل الرسول يوم الخندق فحسن. وقال مالك، والأوزاعى، والشافعى: يقيم للصلوات الفوائت، ولم يذكروا أذانًا، واحتج هؤلاء بأن صلاته عليه السلام، يوم الخندق الفوائت كلها كان بغير أذان، وإنما أذن للعشاء الآخرة فقط؛ لأنها صليت فى وقتها، ولم تكن فائتة. وفيه من الفقه: أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان ينام أحيانًا كنوم الآدميين، وذلك فى النادر من حاله، وسأبين حكم نومه عليه السلام، عند قوله: (إن عينى تنام، ولا ينام قلبى) ، فى باب قيام الرسول بالليل فى رمضان وغيره. قال المهلب: هذا الحديث يدل أن الصلاة الوسطى صلاة الصبح، وإنما أكدت المحافظة عليها لأجل هذه العارضة التى عرضت للنبى باستيلاء النوم عليه، وعلى أهل عسكره حتى فاته وقتها، ويدل على أنها الوسطى: توكيله بلالا فى السفر والحضر بمراقبة وقتها، ولم يأمره بمراقبة غيرها، ألا ترى أن النبى لم تفته صلاة غيرها بغير عُذرٍ شغله عنها. قال غيره: وقوله: فاستيقظ وقد طلع حاجب الشمس، وتركه للصلاة حتى ابيضّت الشمس، فإن الكوفيون قالوا: إنما أخَّر عليه