طالب بشيء؛ فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: (نعم، هو فى ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان فى الدرك الأسفل من النار) . فيه: جواز كنية المشركين على وجه التألف لهم بذلك رجاء رجوعهم وإسلامهم أو لمنفعة عندهم فأما إذا لم يرج ذلك منهم فلا ينبغى تكنتيتهم، بل يلقون بالإغلاظ والشدة فى ذات الله ألا ترى قوله فى الحديث (إن النبى عليه السلام كان يتأول فى العفو عنهم ماأمره الله به حتى أذن له فيهم) يعنى أذن له فى قتالهم والشدة عليهم، وآيات الشدة والقتال ناسخة لآيات الصفح والعفو. فإن قال قائل: قولك إنه لا يجوز تكنية المشرك إلا على وجه التألف له ورجاء المنفعة بذلك قول حسن، فما معنى تكنية أبى لهب فى القرآن المتلو إلى يوم القيامة، وماوجه التألف ورجاء المنفعة فى ذلك؟ قيل له: ليست تكنية أبى لهب من هذا الباب، ولا من طريق التعظيم للمكنى فى شىء، وقد تأول أهل العلم فى ذلك وجوهًا، أحدها ذكره ثعلب قال: إنما كنى الله أبا لهب؛ لأن اسمه عبد العزى، والله تعالى ولايجعله عبدًا لغيره. والثانى: أخبرت به عن الفقيه ابن أبى زمنين أنه قال: اسم أبى لهب عبد العزى، وكنيته أبو عتبة، وأبو لهب لقبه، وأنما لقب به فيما ذكر ابن عباس - لأنه وجهه كان يتلهب جمالا، فليس بكنية. والثالث: يحتمل أن تكون تكنيته من طريق التجنيس فى البلاغة ومقابلة اللفظ بما شابهه، فكنى فى أول السورة بأبى لهب؛ لقوله في آخرها: