وأما قتل أسامة الرجل؛ فإنه ظنه كافرًا، وجعل ما سمع منه من الشهادة تعوذًا من القتل، وأقل أحوال أسامة فى ذلك أن يكون قد أخطأ فى فعله؛ لأنه إنما قصد إلى قتل كافر عنده، ولم يكن عرف حكم النبى (صلى الله عليه وسلم) فيمن أظهر الشهادة بلسانه أنها تحقن دمه فسقط عنه القود، لأنه معذور بتأويله، وكذلك حكم كل من تأوله فأخطأ فى تأويله معذور فى ذلك. وهو فى حكم من رمى من يجب له دمه، فأصاب من لا يجب له قتله، أنه لا قود عليه، وما لقى أسامة من النبى (صلى الله عليه وسلم) فى قتله هذا الرجل الذى ظنه كافرًا من اللوم والتوبيخ، حتى تمنى أنه لم يسلم قبل ذلك اليوم آلى على نفسه ألا يقاتل مسلمًا أبدًا؛ ولذلك قعد عن على ابن أبى طالب يوم الجمل وصفين، وقد تقدم فى كتاب الإيمان معنى قوله: (القاتل والمقتول فى النار) وإنما خرج على الترهيب والتغليظ فى قتل المؤمن فجعلهما فى النار؛ لأنهما فعلا فى تقاتلهما ما يئول بهما إلى النار إن أنفذ الله سبحانه عليهما الوعيد والله تعالى فى وعيده بالخيار عند أهل السنة وسيأتى أيضًا فى كتاب الفتن بقية الكلام فيه إن شاء الله تعالى.

3 - باب قَوْلِه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِى الْقَتْلَى (الآية [البقرة: 178] وباب سُؤَالِ الْقَاتِلِ حَتَّى يُقِرَّ، وَالإقْرَارِ فِى الْحُدُودِ

/ 13 - فيه: أَنَسِ: أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015