وقالت طائفة: من وجب له القصاص، فعفا عن القاتل؛ أعطاه الله من الأجر مثل ما لو أحيا الناس جميعًا. عن زيد بن أسلم والحسن. واختار الطبرى فى قوله: (فكأنما قتل الناس جميعًا) [المائدة: 32] أنه فى تعظيم العقوبة وشدة الوعيد، واختار فى قوله: (فكأنما أحيا الناس جميعًا) [المائدة: 32] القول الأول أنه من لم يقتل أحدًا فقد أحيا الناس بسلامتهم منه. قال: وهذا نظير قول الكافر: أنا أحيى وأميت: أى: أترك من قدرت على قتله، وأميت أى: أقتل من وجب عليه القتل، وإنما اختار ذلك؛ لأنه لا نفس يقوم قتلها فى عاجل الضرر مقام قتل جميع النفوس، ولا إحياؤها مقام إحياء جميع النفوس فى عاجل النفع، فدل ذلك أن معنى الإحياء سلامة جميع النفوس، وفى هذه الأحاديث كلها تغليظ للقتل والنهى عنه. وقوله فى حديث ابن مسعود: (إلا كان على ابن آدم كفل من دمه) يعنى: إثمًا؛ لأنه أول من سنَّ القتل، فاستن به القاتلون بعده، وهذا نظير قوله (صلى الله عليه وسلم) : (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) . وقوله فى حديث ابن عمر: (لا ترجعوا بعدى كفارًا) لتحريم الدماء، وحقوق الإسلام، وحرمة المؤمنين، وليس يريد الكفر الذى هو ضد الإيمان لما تقدم من إجماع أهل السنة أن المعاصى غير مخرجة من الإيمان.