فيكثر تلك اليلة سفك الدماء وشن الغارات، فشبه عمر أيام حياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وما كان الناس عليه فى عهده من اجتماع الكلمة وشمول الألفة ووقع الأمنة بالشهر الحرام الذى لا قتال فيه، ولا نزاع وكان موته (صلى الله عليه وسلم) شبيهة القصة بالفلتة التى هى خروج من الحرم لما نجم عند ذلك من الخلاف وظهر من الفساد وما كان من أهل الردة، ومنع العرب الزكاة، وتخلف من تخلف من الأنصار جريًا منهم على عادة العرب ألا يسود العرب القبيلة إلا رجل منها؛ فوقى الله شرها بتلك البيعة المباركة التى كانت جماعًا للخير ونظامًا للكلمة) وقد روينا نص هذا المعنى عن سالم بن عبد الله؛ روى سيف، عن مبشر، عن سالم بن عبد الله قال: قال عمر: كانت إمارة أبى بكر فلتة وقى الله شرها، قلت: ما الفلتة؟ قال: كان أهل الجاهلية يتحاجزون فى الحرم فإذا كانت الليلة التى يشك فيها أدغلوا فأغاروا، وكذلك كانوا يوم مات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أدخل الناس من بين مدع إمارة أو جاحد زكاة، فلولا اعتراض أبى بكر دونها لكانت الفضيحة ذكره الخطابى. فإن قيل: فما معنى قول أبى بكر: (وليتكم ولست بخيركم) ؟ قيل: هذا من فضله ألا يرى لنفسه فضلا على غيره، وهذه صفة الخائفين لله الذين لا يعجبون بعمل ولا يستكثرون له مهج أنفسهم وأموالهم. قال الحسن: والله ما خلق الله بعد النبيين أفضل من أبى بكر. قالوا: ولا مؤمن من آل فرعون؟ قال: ولا مؤمن من آل فرعون.