وقول عمر: (قتل الله سعدًا) قال أبو عبيد: ولو علموا أن فى أمر أبى بكر شبهة وأن بين الخاصة والعامة فيه اختلافًا ما استجازوا الحكم عليهم بعقد البيعة، ولو استجازوه ما أجازه الآخرون إلا بمعرفة منهم به متقدمة. ويدل على ذلك ما رواه النسائى عن قتيبة، عن حميد بن عبد الرحمن، عن سلمة بن نبيط، عن نعيم، عن أبى هند، عن نبيط بن شريط، عن سالم بن عبيد وذكر موت النبى (صلى الله عليه وسلم) ثم قال: خرج أبو بكر فاجتمع المهاجرون يتشاورون بينهم، ثم قال: انطلقوا إلى إخواننا الأنصار. فقالت: منا أمير ومنكم أمير. فقال عمر: سيفان فى غمدٍ إذًا لا يصطلحان، ثم أخذ بيد أبى بكر فقال: من له هذه الثلاث: إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا، من صاحبه إذ هما فى الغار، مع من هما؟ ثم بايعه الناس أحسن بيعة وأجملها. فدل هذا الحديث أن القوم لم يبايعوه إلا بعد التشاور والتناظر واتفاق الملأ منهم الذين هم أهل الحل والعقد على الرضا بإمامته، والتقديم لحقه. ولقولهم (كانت فلتة) تفسير آخر. قال ثعلب وابن الأعرابى: الفلتة عند العرب: آخر ليلة من الأشهر الحرم يشك فيها فيقول قوم: هى من شعبان، ويقول قوم: هى من رجب؛ وبيان هذا أن العرب كانوا يعظمون الأشهر الحرم ولا يقاتلون فيها، ويرى الرجل قاتل أبيه فلا يمسه، فإذا كان آخر ليلة منها ربما شك قوم فقال قوم: هى من الحل، وقال بعضهم: من الحرم. فيبادر الموتور فى تلك الليلة فينتهز الفرصة فى إدراك ثأره غير معلوم أن ينصرم الشهر الحرام عن يقين،