العين وجميع الجوارح، فلما أتى ماعز بلفظ مشترك لم يحده النبى (صلى الله عليه وسلم) حتى وقف على صحيح ما أتاه بغير إشكال؛ لأن من سننه (صلى الله عليه وسلم) درء الحدود بالشبهات، فلما أفصح وبين أمر برجمه. قال غيره: وهذا يدل أن الحدود لا تقام إلا بالإفصاح دون الكنايات، ألا ترى لو أن الشهود شهدوا على رجل بالزنا، ولم يقولوا رأيناه أولج فيها كان حكمهم حكم من قذف لا حكم من شهد، رفقًا من الله بعباده وسترًا عليهم ليتوبوا. قال المهلب: وقد استعمل التلقين بعد النبى (صلى الله عليه وسلم) أصحابه الراشدون روى مالك عن يحيى ابن سعيد أن عمر أتاه رجل وهو بالشام فذكر أنه وجد مع امرأته رجلا، فبعث عمر أبا واقد إلى امرأته يسألها عما قال زوجها لعمر، وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله، وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنزع، فأبت أن تنزع فرجمها عمر. وروى معمر بإسناده أن عمر أتى برجل فقيل: إنه سارق، فقال عمر: إنى لأرى يد رجل ما هى بيد سارق، فقال الرجل: والله ما أنا بسارق فخلى سبيله. وعن الشعبى قال: أُتى على بامرأة يقال لها شراحة وهى حبلى من الزنا، فقال: ويحك لعل رجلا استكرهك، قالت: لا. قال: لعل وقع عليك وأنت نائمة. قالت: لا. قال: فلعل زوجك من عدونا، يعنى أهل الشام، فأنت تكرهين أن تدلى عليه. قالت: لا. فجعل يلقنها هذا وأشباهه وتقول: لا. فرجمها. وعن أبى مسعود أتى بسارق سرق بعيرًا. فقال: هل وجدته؟ قال: نعم. فخلى سبيله. قال المهلب: فهذا وجه التلقين بالتعريض لمن يعرف الحد