دون أن يقصد إلى قتل الظالم للمنتصر فى تلك المدافعة فهو شهيد، كما لو دافعه عن نفسه سواء، فإن قدر المدافع على دفع الظالم بغير قتال أو بمقاتلة لا يكون فيها تلف نفس وقتله قاصدًا لقتله فعليه القود. وموضع التناقض الذى ألزمه البخارى لأبى حنيفة فى هذا الباب هو أن ظالمًا لو أراد قتل رجل وقال لابن الذى أريد قتله: لتشربن الخمر أو لتأكلن الميتة أو لأقتلن أباك أو ابنك أو ذا رحم لم يسعه شرب الخمر ولا أكل الميتة؛ لأنه ليس بمضطر عند أبى حنيفة، وإنما لم يكن مضطرًا عنده؛ لأن الإكراه إنما يكون فيما يتوجه إلى الإنسان فى خاصة نفسه لا فى غيره؛ لأنها معاصى لله؛ لأنه ليس له أن يدفع بها معاصى غيره، وليصبر على قتل أبيه والله سائل قاتله، ولا إثم على الابن؛ لأنه لم يقدر على دفع القتل عن أبيه أو ابنه إلا بمعصية يركبها، ولا يحل له ذلك. ألا ترى قوله: إن قيل له: لأقتلن أباك أو ابنك أو ذا رحم، أو لتبيعن هذا العبد أو تقرن بدين أو تهب هبة أن البيع والإقرار والهبة