أنه لا قصاص فى ذلك؛ لأنه قال فى الرجل يختفى عنده مظلوم فيحلفه السلطان الجائر الذى يريد دمه وماله أو عقوبته إن كان عنده قال: يحلف ولا حنث عليه، كما لا حنث عليه إذا حلف عن نفسه. ذكره ابن المواز، عن أشهب. وروى مثله عن أنس بن مالك قال: لأن أحلف تسعين يمينًا أحب إلى من أن أدل على مسلم. قاله ميمون بن مهران. وقالت طائفة: من قاتل دون غيره فقتل فعليه القود. هذا قول الكوفيين، ويشبه مذهب ابن القاسم؛ لأنه قال فى الرجل يختفى عنده الرجل من السلطان الجائر يخافه على نفسه، أنه متى حلف أنه ليس عنده فهو حانث، وإن كان مأجورًا فى إحياء نفسه، فلما كان حانثًا فى حلفه عليه، والحنث أيسر شأنًا من القتل دل أنه ليس له أن يقاتل دونه، وهذا قول أصبغ قال: لا يعذر أحد إلا فى الدراءة عن نفسه، ولا يدرأ عن ولده باليمين وهو حانث. وقاله أكثر أصحاب مالك. قالوا: وليس قوله (صلى الله عليه وسلم) : (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) بمبيح له قتل المتعدى على أخيه الظالم له؛ لأن كلا الرجلين المتقاتلين أخ للذى أمره النبى (صلى الله عليه وسلم) بالنصرة، ونصره كل واحد منهما لازم له، وقد فسر النبى (صلى الله عليه وسلم) نصرة الظالم كيف، فقال: تكفه عن الظلم، ولم يأمره بقتل الظالم ولا استباحة دمه، وإنما أراد نصره دون إراقة دمه، هذا المفهوم من الحديث، والله أعلم. وقال لى بعض الناس: معنى قول البخارى: إن قاتل دون المظلوم فلا قود عليه ولا قصاص، هو أن يرى رجل رجلا يريد قتل آخر بغير حق، فإن أمكنه الدفع عنه فقد توجه عليه الفرض فى نصرته ودفع الظلم عنه بكل ما يمكنه، ولا ينوى بقتاله له إلا الدفع عن أخيه خاصة