مكتوبًا فى الصحف الأولى، وأخبر عن تلاوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الصحف بقوله تعالى: (رسول من الله يتلو صحفًا مطهرة فيها كتب قيمة) [البينة: 2، 3] فلم يكن جمع أبى بكر الصديق بين اللوحين مخالفًا لله ولرسوله؛ لأنه لم يجمع ما لم يكن مجموعًا ولا كتب ما لم يكن مكتوبًا، وقد أمرهم النبى (صلى الله عليه وسلم) بكتابته فقال: (لا تكتبوا عنى شيئًا غير القرآن) . فألف المكتوب وصانه، وأحرزه وجمعه بين لوحين، ولم يغير منه شيئًا، ولا قدم منه مؤخرًا ولا أخر مقدمًا، ولا وضع حرفًا ولا آية فى غير موضعها. ودليل آخر، وذلك أن الله ضمن لرسوله ولسائر الخلق جمع القرآن وحفظه فقال: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر: 9] ، وقال: (إن علينا جمعه وقرآنه) [القيامة: 16] ، وقال: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) [فصلت: 42] . فنفى عنه إبطال الزائغين وإلباس الملحدين، ثم أمر الرسول والأمة بحفظه والعمل به، فوجب أن يكون كل أمر عاد لتحصينه وأدى إلى حفظه واجبًا على كافة الأمة فعله، فإذا قام به البعض فقد أحسن وناب عن باقى الأمة. وقد روى عبد خير، عن على أنه قال: يرحم الله أبا بكر هو أول من جمع القرآن بين لوحين. وهذا تعظيم منه لشأنه ومدح له، وعلى أعلم من الرافضة بصواب هذا الفعل، فيجب ترك قولهم لقوله. ومما يدل على صحة هذه الرواية عن علىّ ابتغاؤه لأجره وإطلاقه للناس كتب المصاحف وحضهم عليها وإظهار تحكيم ما ضم الصديق بين لوحين، ولو كان ذلك عنده منكرًا لما أخرج إلى الدعاء