يكون الكاتب عاقلاً فطنًا مقبول الشهادة، وهذا قول كافة الفقهاء. وقال الشافعى: ينبغى لكاتب القاضى أن يكون عاقلا لئلا يخدع ويحرص على أن يكون فقيهًا لئلا يؤتى من جهالة، ويكون بعيدًا من الطمع نزهًا. وفيه: أن من سبقت له معرفة بالأمر فإنه أولى بالولاية، أحق بها ممن لا سابقة له فى ذلك ولا معرفة. وفيه: جواز مراجعة الكتاب للسلطان فى الرأى ومشاركته له فيه. قال أبو بكر بن الطيب: إن قال قائل من الرافضة: كيف جاز لأبى بكر جمع القرآن ولم يجمعه النبى (صلى الله عليه وسلم) . قيل: يجوز أن يفعل الفاعل ما لم يفعله النبى (صلى الله عليه وسلم) إذا كان فى ذلك مصلحة فى وقته واحتياط للدين، وليس فى أدلة الكتاب والسنة ما يدل على فساد جمع القرآن بين لوحين وتحصينه، وجمع هممهم على تأمله، وتسهيل الانتساخ منه والرجوع إليه، والغنى به عن تطلب القرآن من الرقاع والعسب وغير ذلك مما لا يؤمن عليه الضياع، فوجب أن يكون أبو بكر مصيبًا، وأن ذلك من أعظم فضائله وأشرف مناقبه حين سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد من الأمة، وبأن اجتهاده فى النصح لله ولرسوله ولكتابه ودينه وجميع المؤمنين، وأنه فى ذلك متبع لله ولرسوله لإخباره تعالى فى كتابه أن القرآن كان