واحتجا بحكم اللعان وقالا: معلوم أن الزوجة إنما وصلت إلى فراق زوجها باللعان الكاذب الذى لو علم الحاكم كذبها فيه لحدها وما فرق بينهما، فلم يدخل هذا فى عموم قوله (صلى الله عليه وسلم) : (وقضيت له بشىء من حق أخيه فلا يأخذه) . واحتج أصحاب مالك والشافعى وغيرهم بحديث أم سلمة وعائشة فقالوا: قوله: (فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هى قطعة من النار) بيان واضح أن حكمه بما ليس للمحكوم له لا يجوز له أخذه، وأنه حرام عليه فى الباطن. وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (فمن قضيت له بحق مسلم) يشتمل على كل حق، فمن فرق بين بعض الحقوق فعليه الدليل، ومثل هذا حكمه (صلى الله عليه وسلم) فى ابن وليدة زمعة أنه لزمعة من أجل الفراش الظاهر ولم يلحقه بعتبة، ثم لما رأى شبهًا بعتبة قال لسودة زوجته: (احتجبى منه) ؛ لجواز أن يكون من زنا. فلو كان حكمه يقع ظاهرًا وباطنًا لم يأمر (صلى الله عليه وسلم) زوجته سودة بالاحتجاب منه مع حكمه بأنه أخوها. ومن طريق الاعتبار أنا قد اتفقا على أنه لو ادعى إنسان على حرة أنها أمته وأقام شاهدى زور لم تكن أمته فى الباطن من أجل حكم الحاكم، فكذلك فى الفروج كلها، وكذلك لو ادعى على ابنته أو أخته أنها زوجته وأقام شاهدى زور، وحكم الحاكم بالزوجية، فإن أبا حنيفة يقول: لا تكون زوجته. وفرق بين الحرمة بالنسب وبين زوجة غيره ولا فرق بينهما؛ لأنه لما كان حكم الحاكم لا يبيح المحرمة بالنسب، فكذلك لا يبيح المحرمة بنكاح غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015