فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِى، كَانَ عَهِدَ إِلَىَّ فِيهِ، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِى وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِى وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: احْتَجِبِى مِنْهُ، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ) . أجمع الفقهاء على أن حكم الحاكم لا يخرج الأمر عما هو عليه فى الباطن، وإنما ينفذ حكمه فى الظاهر الذى تعبد به، ولا يحل للمقضى له مال المقضى عليه إذا ادعى عليه ما ليس عنده ووقع الحكم بشاهدى زور، فالعلماء مجمعون أن ذلك فى الفروج والأموال سواء؛ لأنها كلها حقوق لقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقًا من أموال الناس) [البقرة: 188] وهو قول أبى يوسف. وشذ أبو حنيفة ومحمد فقالا: ما كان من تمليك مال فهو على حكم الباطن كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (فمن قضيت له بشىء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار) وما كان من حل عصمة النكاح أو عقدها غير داخل فى النهى، فلو تعمد شاهدا زور الشهادة على امرأة أنها قد رضيت بنكاح رجل، وقضى الحاكم عليها بذلك لزمها النكاح ولم يكن لها الامتناع. ولو تعمد رجلان الشهادة بالزور على رجل أنه طلق امرأته، فقبل الحاكم شهادتهما لعدالتهما عنده، وفرق بين الرجل والمرأة واعتدت المرأة جاز لأحد الشاهدين أن يتزوجها وهو عالم أنه كان كاذبًا فى شهادته، لأنه لما حلت للأزواج فى الظاهر كان الشاهد وغيره سواء؛ لأن قضاء القاضى قطع عصمتها وأحدث فى ذلك التحليل والتحريم فى الظاهر والباطن جميعًا، ولولا ذلك ما حلت للأزواج.