اللَّهُ مِنْ أَمْرِ هَذَيْنِ لَرَأَيْتُ أَنَّ الْقُضَاةَ هَلَكُوا، فَإِنَّهُ أَثْنَى عَلَى هَذَا بِعِلْمِهِ، وَعَذَرَ هَذَا بِاجْتِهَادِهِ وَقَالَ مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ: قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِالْعَزِيزِ: خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ الْقَاضِى مِنْهُنَّ خَصْلَةً كَانَتْ فِيهِ وَصْمَةٌ: أَنْ يَكُونَ فَهِمًا، حَلِيمًا، عَفِيفًا، صَلِيبًا، عَالِمًا، سَئُولا عَنِ الْعِلْمِ. قال المهلب: أما استحباب الرجل القضاء فإن أهل العلم قالوا فى ذلك: إذا رآه الناس أهلا لذلك ورأى هو نفسه أهلا لها، وليس أن يرى نفسه أهلا لذلك فقط؛ أنه إذا علم الناس منه هذا الرأى لم يفقد من يزين له ذلك ويستحمد إليه. قال مالك: ولا يستقضى من ليس بفقيه. وذكر ابن حبيب، عن مالك أنه قال: إذا اجتمع فى الرجل خصلتان رأيت أن يولى: الورع والعلم. قال ابن حبيب: فإن لم يكن علم فعقل وورع؛ لأنه بالورع يقف، وبالعقل يسأل، وإذا طلب العلم وجده، وإن طلب العقل لم يجده. فإن قيل: فإذا استوجب القضاة هل للسلطان أن يجبره على ولايته؟ قيل: قد روى ابن القاسم، عن مالك أنه لا يجبر على ولاية القضاء إلا أن يوجد منه عوض. قيل له: أيجبر بالحبس والضرب؟ قال: نعم. قال المهلب: والحكم الذى ينبغى أن يلزمه القاضى هو توسعة خلقه للسماع من الخصمين، وأن لا يحرج بطول ما يورده أحدهما، وإن رآه غير نافع له فى خصامه فليصبر له حتى يبلغ المتكلم مراده؛ لأنه قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015