واحتج الذين أجازوا ذلك بأن ابن عباس كان يقرأ ورده وهو جنب، فقيل له فى ذلك، فقال: ما فى جوفى أكثر منه. وقال حماد: سألت ابن المسيب أيقرأ الجنب القرآن؟ قال: أليس فى جوفه؟ . وبما رواه عبادة بن نسى، عن عبد الرحمن بن غنم أنه سأل معاذ بن جبل أيقرأ الجنب القرآن؟ قال: نعم، إن شاء، قلت: والحائض والنفساء؟ قال: نعم، لا يدعن أحد ذكر الله، وتلاوة كتابه على حال، قلت: فإن الناس يكرهونه، قال: من كرهه فإنما كرهه تنزهًا، ومن نهى عنه فإنما يقول بغير علم، ما نهى رسول الله عن شىء من ذلك. قال الطبرى: واعتلوا من طريق النظر بأن تلاوة القرآن قد ندب إليها الناس كما ندبوا إلى ذكر الله والتسبيح والتهليل، قالوا: وقد قامت الدلالة بأن ذكر الله مطلق للجنب والحائض، قالوا: وقراءة القرآن فى معنى ذلك فى أنها مطلقة لهما، إذ لا حجة تفرق بين ذلك. قال الطبرى: والصواب عندنا فى ذلك ما روى عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يقرأ القرآن ما لم يكن جنبًا، وخبر عائشة أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يذكر الله على كل أحيانه، فإن قراءته القرآن طاهرًا كان اختيارًا منه لأفضل الحالتين، والحال التى كان يذكر الله فيها ويقرأ القرآن غير طاهر، فإن ذلك كان تعليمًا منه أن ذلك جائز لهم وغير محظور عليهم ذكر الله وتلاوة القرآن، إذ بعثه الله إلى خلقه معلمًا وهاديًا، غير أنى أستحب له أن يقرأ القرآن على أتم أحوال الطهارة،