فإن يكن هذا الأمر لك فما ينبغى لى أن أنازعك عليه، وإن يكن لى فقد جعلته لك. فكبر أصحاب معاوية، وقال المغيرة ابن شعبة عند ذلك: أشهد أنى سمعت النبى (صلى الله عليه وسلم) يقول للحسن: (إن ابنى هذا سيد سيصلح الله به بين فئتين من المسلمين) . فجزاك الله عن المسلمين خيرًا. وقال الحسن: اتق الله يا معاوية على أمة محمد، لا تفنيهم بالسيف على طلب الدنيا وغرور فانية زائلة، فسلم الحسن الأمر إلى معاوية وصالحه وبايعه على السمع والطاعة على إقامة كتاب الله وسنة نبيه، ثم دخلا الكوفة فأخذ معاوية البيعة لنفسه على أهل العراقين، فكانت تلك السنة سنة الجماعة لاجتماع الناس واتفاقهم وانقطاع الحرب وبايع معاوية كلُ من كان معتزلا عنه، وبايعه سعد بن أبى وقاص وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة، وتباشر الناس بذلك، وأجاز معاوية الحسن بن على بثلاثمائة ألف وألف ثوب وثلاثين عبدا ومائة جمل، وانصرف الحسن بن على إلى المدينة وولى معاوية الكوفة المغيرة بن شعبة، وولى البصرة عبد الله بن عامر، وانصرف إلى دمشق واتخذها دار مملكته.
/ 14 - فيه: عَائِشَةَ: سَمِعَ النَّبىِّ (صلى الله عليه وسلم) صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ، عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمْ، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ، وَيَسْتَرْفِقُهُ فِى شَيْءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: أَيْنَ الْمُتَأَلِّى عَلَى اللَّهِ، لا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ، فَقَالَ: أَنَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَهُ أَىُّ ذَلِكَ أَحَبَّ) .