وسأل بعض علماء النصارى محمد بن وضاح فقال: ما بال كتابكم معشر المسلمين لا زيادة فيه ولا نقصان وكتابنا بخلاف ذلك؟ فقال له: لأن الله وكل حفظ كتابكم إليكم فقال: (بما استحفظوا من كتاب الله) [المائدة: 44] فما وكله إلى المخلوقين دخله الخرم والنقصان، وقال فى القرآن: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر: 9] فتولى الله حفظه فلا سبيل إلى الزيادة فيه ولا إلى النقصان.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) [آل عمران: 44] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اقْتَرَعُوا فَجَرَتِ الأقْلامُ مَعَ الْجِرْيَةِ، وَعَالَ قَلَمُ زَكَرِيَّاءَ الْجِرْيَةَ، فَكَفَلَهَا زكَرِيَّاءُ وَقَوْلِهِ: (فَسَاهَمَ) [الصافات: 141] أَقْرَعَ) فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (مِنَ الْمَسْهُومِينَ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عَرَضَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ، فَأَسْرَعُوا، فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ. / 44 - فيه: النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ: قَالَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا، مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِى أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِى أَعْلاهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِى أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِى أَعْلاهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَوا فَأْسًا، فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا مَا لَكَ؟ قَالَ: تَأَذَّيْتُمْ بِى، وَلا بُدَّ لِى مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ، وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ) .