على الناس لا تقبل شهادتهم، فالكذب على الله أعظم فهو أولى برد شهادتهم. قال ابن القصار: وأيضًا فإن المسلم الفاسق لا تقبل شهادته، والكافر أفسق، فلا يجوز قبوله على فاسق مثله ولا على مطيع. فإن قيل: فقد أجازت طائفة من السلف شهادتهم على المسلم فى الوصية فى السفر للضرورة، روى ذلك عن شريح والنخعى، وبه قال الأوزاعى، وقال ابن عباس فى تأويل قوله: (أو آخران من غيركم) [المائدة: 106] : من غير المسلمين. قيل: قد قال الحسن البصرى: (أو آخران من غيركم) [المائدة: 106] : من غير قومكم من أهل الملة. واتفق مالك والكوفيون والشافعى على أنهم لا تجوز شهادتهم فى الوصية فى حضر ولا سفر، والآية عندهم منسوخة، فلم يلزمهم تأويل ابن عباس؛ لأجل من خالفه من العلماء، وقد شرط الله قبول العدول فى الشهادة بقوله: (ممن ترضون من الشهداء) [البقرة: 282] ، وقال تعالى: (وأشهدوا ذوى عدل منكم) [الطلاق: 2] . قال المهلب: وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا تصدقوا أهل الكتاب) حجة لمن لم يجز شهادتهم. وقوله: (ولا تكذبوهم) يعنى: فيما ادعوا من الكتاب ومن أخبارهم؛ مما يمكن أن يكون صدقًا أو كذبًا؛ لإخبار الله تعالى عنهم أنهم بدلوا الكتاب ليشتروا به ثمنًا قليلا، ومن كذب على الله فهو أحرى بالكذب فى سائر حديثه.