/ 11 - وفيه: أُمُّ عَطِيَّةَ: نُهِينَا أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثٍ إِلا عَلَى زَوْجٍ. قال المؤلف: روى مالك أنه بلغه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دخل على أم سلمة وهى حادة على أبى سلمة، وقد جعلت على عينها صبرًا، فقال: (ما هذا يا أم سلمة؟) ، قالت: إنما هو صبر يا رسول الله، قال: (فاجعليه بالليل وامسحيه بالنهار) ، وهذا مخالف لحديث هذا الباب؛ لأن النبى، عليه السلام، لم يرخص لبنت أم سلمة حين توفى عنها زوجها فى الكحل ليلاً ولا نهارًا. قال أبو عبد الله بن أبى صفرة: والجمع بين الحديثين أن النبى (صلى الله عليه وسلم) إنما نهى عن الطيب والزينة فى العدة قطعًا للذرائع؛ لأن ذلك من دواعى التزويج التى منعت منه حتى تخرج من العدة احتياطًا للميت، إذ قد زالت مراعاته لها، لكن إذا دخلت على الناس المشقة من قطعها رفعت عنهم، ودلت إباحته، عليه السلام، للكحل بالليل، أن نهيه عنه فى الحديث الآخر ليس على وجه التحريم، وإنما هو على الكراهية، فمن شاء أخذ بالشدة على نفسه كما فعلت صفية بنت أبى عبيد فى ترك الكحل حتى كادت عيناها ترمضان، ومن شاء أخذ بالرخصة فى ذلك. فقد أجاز ذلك جماعة من السلف، ذكر مالك فى الموطأ أنه بلغه عن سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، أنهما أجازا للمتوفى عنها زوجها إذا خشيت على بصرها من شكوى بها أن تكتحل وتتداوى بما فيه طيب. قال مالك: فإذا كانت الضرورة، فإن دين الله يسر. وقد قال فى المختصر الصغير: لا تكتحل إلا أن تضطر إليه من غير طيب يكون فيه.