عليه السلام: (من أحيا أرضا ميتة فهى له) . فقد جعل إحياء ذلك إلى من أحب بلا أمر الإمام فى ذلك، قال: وقد دلت على ذلك شواهد من النظر، منها أن الماء الذى فى البحار والأنهار، من أخذ منه شيئًا ملكه بأخذه إياه، وإن لم يأمره الإمام بذلك، وكذلك الصيد هو لمن صاده، ولا يحتاج إلى تمليك من الإمام، لأن الإمام وسائر الناس فى ذلك سواء، فكذلك الأرض التى لا ملك لأحد عليها هى كالصيد الذى ليس بمملوك والماء المباح. والحجة لأبى حنيفة أن قوله: (من أحيا أرضا ميتة فهى له) إنما معناه من أحياها على شرائط الأحياء فهى له، وذلك أن يحظرها وأذن الإمام له فيها، والدليل على صحة هذا التأويل قوله عليه السلام: (لا حمى إلا لله ولرسوله) ، والحمى ما حمى من الأرض، فدل أن حكم الأرضين إلى الأئمة لا إلى غيرهم، وأن حكم ذلك غير حكم الصيد والماء. والفرق بينهما أنا رأينا ماء الأنهار لا يجوز للإمام تمليك ذلك أحدًا، ورأينا لو ملك رجلا أرضًا ميتة ملكها بذلك، ولو احتاج الإمام إلى بيعها فى نائبة للمسلمين جاز بيعه لها، ولا يجوز ذلك فى ماء نهر ولا صيد بر ولا بحر، وأنه ليس للإمام بيعهما ولا تمليكهما أحدًا، وأن الإمام فيهما كسائر الناس، فكان ملكهما يجب بأخذهما دون الإمام، فثبت بذلك ما ذهب إليه أبو حنيفة. والحجة لمالك أن النبى - عليه السلام -: (أقطع لبلال بن الحارث معادن القبلية جلسيها وغوريها وحيث يصلح الزرع) ، ولم يقطعه حق مسلم، وهذا فيما قرب، فوجب استعمال الحديثين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015