وقال آخرون: يأخذ منه كنصيب أحد الفقراء وقال آخرون: جائز له أن يأخذه لنفسه كله إن كان فقيرًا. ووجه قول من قال: لا يأخذ منه شيئًا لنفسه، لأن ربه أمره أن يضعه فى الفقراء، ولم يأذن له أن يأخذه لنفسه، ولو شاء أن يعطيه له لم يأمره أن يضعه فى غيره، فكأنه أقامه مقام نفسه ولو فرقه ربه لم يحبس منه شيئًا، ووجه قول من قال: يأخذ منه كنصيب أحد الفقراء، فهو أن ربه أمره أن يضعه فى الفقراء، وهو أحدهم، فلم يتعد ما قاله، ووجه قول من قال: يأخذه كله لنفسه، أن ربه أمره أن يضعه فى الفقراء، ومعلوم أنه لا يحيط بجماعتهم، وأن المال إنما يوضع فى بعضهم، وإذا كان فقيرًا فهو من بعضهم لأنه من الصفة التى أمره أن يضعه فيها.
/ 18 - فيه: أَبُو مُوسَى، قَالَ النَّبِىّ عليه السَّلام: (الْخَازِنُ الأَمِينُ الَّذِى يُنْفِقُ - وَرُبَّمَا قَالَ: الَّذِى يُعْطِى - مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلاً مُوَفَّرًا طَيِّبًا نَفْسُهُ إِلَى الَّذِى أُمِرَ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ) . قال المهلب: إنما كان أحد المتصدقين - والله أعلم - لأنه معين على إنفاذ الحسنة، وأما إذا أعطاه كارهًا غير مريد لإعطائه لم يؤجر على ذلك، لأنه لا نية له مع فعله، وقد اشترط النبى - عليه السلام - أن الأعمال بالنيات، فدل ذلك أنها إذا لم تصحبها نية لا يؤجر بها، ألا ترى أن المنافقين لم تقبل منهم صلاة ولا صيام ولا غيره إذ عريت أعمالهم عن النيات.