لهم الخيار فى إمساك السبى أصلا، وإنما خيرهم فى أن يعوضهم من مغانم أخر، ولم يخيرهم فى أعيان السبى، لأنه قال لهم هذا بعد أن رد إليهم أهليهم، وإنما خيرهم فى إحدى الطائفتين لئلا يجحف بالمسلمين فى مغانمهم فيخليهم منه كله، ويخيبهم مما غنموه وتعبوا فيه. قال المهلب: وفى رفع النبى - عليه السلام - إملاك الناس عن الرقيق، ولم يجعل إلى تملك أعيانهم سبيلا دليل على أن للإمام أن يستعين على مصالح المسلمين بأخذ بعض ما فى أيدى الناس ما لم يجحف بهم، ويعد من لم تطب نفسه مما يأخذ منه بالعوض، ألا ترى قوله: (من أحب أن يطيب بذلك) ، فأراد عليه السلام أن يطيب نفوس المسلمين لأهل هوازن بما أخذ منهم من العيال، ليرفع الشحناء والعداوة، ولا تبقى إحنة الغلبة لهم فى انتزاع السبى منهم فى قلوبهم، فيولد ذلك اختلاف الكلمة. وفيه أنه يجوز للإمام إذا جاءه أهل الحرب مسلمين بعد أن غنم أهليهم وأموالهم أن يرد إليهم عيالهم إذا رأى ذلك صوابًا كما فعل النبى - عليه السلام - لأن العيال ألذق بنفوس الرجال من المال، والعار عليهم فيهم أشد. وقوله عليه السلام: (إنا لا ندرى من أذن منكم فى ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم) إنما هذا تقص من النبى فى استطابة نفوس الناس رجلا رجلا، وليعرف الحاضر منهم الغائب.