قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فِى الْمُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ جَاءُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّى قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ بِذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِىءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ) ، فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يا رَسُولِ اللَّهِ لَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّا لاَ نَدْرِى مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِى ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعُ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ) ، فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. قال: إذا كان الوكيل أو الشفيع طلب لنفسه ولغيره فشفع فيما طلب كان حكمهم كحكمه فى الشىء الذى سأل لنفسه ولهم، وأما إن وهب لقوم وقبض لهم وكيلهم تلك الهبة جازت، ولم يدخل الوكيل فى الهبة , والوفد رسل هوازن هم الوكلاء والشفعاء فى رد أموالهم إلى جماعتهم، فشفعهم النبى وقال لهم: (ونصيبى لكم) يعنى: من المال ومن العيال، ثم أخذ أنصباء الناس من العيال خاصة، وأبقى لهم المال لحاجتهم إليه. قال أبو عبد الله: فيه من الفقه أن بيع المكره فى الحق جائز، لأن النبى - عليه السلام - حكم برد السبى، ثم قال: (من أحب أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفئ الله علينا) ، ولم يجعل