يرجع فيه، ودل قوله عليه السلام: (من أتبع على ملى فليتبع) على تحول المال عن المحيل إلى المحال عليه، ولو لم يكن كذلك ما ضره لو أحيل على معدوم. والحجة لمالك أن الحوالة تحول من دين إلى دين، وبيع دين بدين، باع صاحب الحق دينه الذى له على زيد بالدين الذى لعمرو عليه فى ذمته، فليس له أن يرجع متى مات أو أفلس، لأن حقه قد وجب على المحال عليه، وفى ذمته دون ذمة المحيل، وكأنه باع سلعة له بسلعة، وهذا يوجب براءة كل واحد منهما من صاحبه، وذلك مخالف للمحالة، لأن الحمالة وثيقة من حقه، وليس بيع شئ، فأما إذا غره المحيل بفلس فإنه يرجع على من غره، لأن ذلك عيب لم يرض به صاحب الحق، كما يرجع المشترى على البائع بإرش العيب إذا دلس به، أو يرد السلعة إن كانت قائمة، ألا ترى قوله عليه السلام: (وإذا أتبع أحدكم على ملى فليتبع) فحكم أن الاتباع بشرط الملاء، فدل أنه إذا أحيل على غير ملى أنه لا يتبع، وإذا لم يتبعه وجبت له المطالبة بدينه، ويقال للكوفيين: إن الحوالة بيع دراهم فى ذمة المحيل بدراهم فى ذمة المحال عليه، وبيع الدراهم بالدراهم صرف، والصرف يبطل بترك القبض، فعلم أن الحوالة فى معنى القبض والاستيفاء، ولولا ذلك لم تصح الحوالة. فإن قالوا: إن إفلاس الغريم يجرى مجرى العيب، فيجب أن يكون له الرد بالعيب والرجوع، إلى الحق قيل: هو عيب حدث بعد البيع، فسقطت المطالبة به، والعيب الذى يجب به الرجوع إلى الحق هو العيب المتقدم قبل سقوط المطالبة، والفرق بين الحوالة والحمالة عند مالك، أن الحمالة والكفالة لفظان معناهما الضمان، وهما