وفيه ما دل على تحصين الأموال، وذلك أمره باتباع الملى دون المعسر؛ لأنه حض بقوله: (ومن أتبع على ملى فليتبع) فدل أن من أتبع على غير ملى فلا يتبع. قال غيره: وهذا معناه عند العلماء: إرشاد وندب وليس بواجب، ويجوز عندهم لصاحب الدين إذا رضى بذمة غريمه، وطابت نفسه على الصبر عليه ألا يستحيل عليه، وإذا علم غنى جاز له ألا يستحلى عليه إذا كان سيئ القضاء، وأوجب أهل الظاهر أن يستحيل على الملى فرضًا. والحوالة عند الفقهاء رخصة من بيع الدين بالدين؛ لأنها معروف، كما كانت العرية متثناة من المزابنة؛ لأنها معروف وكما جاز قرض الدراهم بالدراهم إلى أجل؛ لأن ذلك معروف. واختلف الفقهاء فى الرجل يحتال المال على ملى من الناس، ثم يفلس المحال عليه أو يموت، فقالت طائفة: يرجع على المحيل بماله. هذا قول شريح والشعبى والنخعى، وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: يرجع عليه إذا مات المحال عليه مفلسًا. وقال الحكم: لا يرجع مادام حيا حتى يموت ولا يترك شيئًا، فإن الرجل يوسر مرة ويعسر مرةً. وقالت طائفة: لا يرجع على المحيل بالمال أفلس المحال عليه أو مات، وسواء غره بالفلس أو طول عليه أو أنكره؛ لأنه فى معنى من قبض العوض، هذا قول الليث والشافعى وأحمد وأبى عبيد وأبى ثور، وقال مالك: لا يرجع على الذى أحاله إلا أن يغره من فلس علمه. واحتج الشافعى فقال: قول الرجل: أحلته وأبرأنى، أى: حولت حقه عنى وأثبته على غيرى، فلا