وقال آخرون: ليس المد والصاع فى ذلك بحتم، وإنما ذلك إخبار عن القدر الذى كان يكفيه (صلى الله عليه وسلم) لا أنه حد لا يجزئ دونه، وإنما قصد به التنبيه على فضيلة الاقتصاد وترك السرف. والمستحب لمن يقدر على الإسباغ بالقليل أن يقلل ولا يزيد على ذلك، لأن السرف ممنوع فى الشريعة. وقد روى عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: تمت سيكون فى هذه الأمة قوم يعتدون فى الطهور والدعاء -. وإلى هذا ذهب مالك وطائفة من السلف، وهو قول الشافعى، وإسحاق. وقال سعيد بن المسيب: إن لى ركوة، أو قداحًا، يسع نصف المد، أو نحوه وأنا أتوضأ منه وربما فضل فضل. وعن سليمان بن يسار مثله. وتوضأ القاسم بن محمد بقدر نصف المد وزيادة قليل. وقيل لأحمد بن حنبل: إن الناس فى الأسفار ربما ضاق عليهم الماء أفيجزئ الرجل أن يتوضأ بأقل من المد؟ فقال: إذا أحسن أن يتوضأ به وغسل فلم يمسح يجزئه. وقال ابن أبى زيد: القليل من الماء مع إحكام الوضوء سنة، والإسراف فيه غلو وبدعة. وهذا كله رد على الإباضية، ومن رأى أن قليل الماء لا يجزئ، والسنة حجة على من خالفها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015