منه فتغير طعمه وحمض أترونه حمض من القطرة الآخرة أم حمض منها ومن سائر القطرات قبلها؟ فإن قالوا: حمض من القطرة الآخرة قالوا: ما تعلم العقلاء خلافه، فكابروا العقول؛ لأن أمثالها قد ألقيت فيه ولم يحدث ذلك فيه، فكان معلومًا بذلك أن الحموضة حدثت عن جميع ما ألقى من الخل، وأنه لولا قوة عمل ما تقدم من قطرات الخل المتقدمة مع عمل القطرة الآخرة فيه لم يحدث ذلك فيه. فإن قالوا: حمض باجتماع قوة عمل جميع ما ألقى فيه من أجزاء الخل، ولكنه ظهرت الحموضة عند آخر جزء من الخل الذى ألقى فيه. قيل لهم: فهلا قلتم كذلك فى الشراب الذى أسكر كثيرة أنه إنما أسكر باجتماع قوة عمل جميع ما شرب منه، ولكن السكر والخبل إنما ظهر فيه عند اجتماع قوة عمل أول الشربة مع سائرها، كما قلتم فى الماء الذى ظهرت فيه حموضة الخل، فعلموا بذلك أن كل شراب أسكر كثيره مستحق بذلك قليله اسم مسكر، وكذلك الزعفران المغير للماء، والكافور المغير ريحه فى أن قليل ذلك مستحق من الاسم والصفة فيما عمل فيه من التغير مثل الذى هو مستحق كثيره. قال المهلب: إنما دخل الوهم على الكوفيين من حديث رووه عن ابن عباس: (حرمت الخمر بعينها والسكر من غيرها) هكذا رواه أبو نعيم عن مسعر، وإنما الحديث: (والمسكر من غيرها) وكذلك رواه شعبة وسفيان عن مسعر، عن أبى عون الثقفى، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس ورواه ابن شبرمه عن ابن شداد (السكر) بغير ميم أيضًا على الوهم.