فيقتضى أن يرجع التحريم إلى الجنس، وهذا كما تقول: هذا الطعام مشبع، وهذا الماء مرو، يريد به الجنس، وكل جزء منه يفعل ذلك الفعل، فاللقمة تشبع العصفور، وما هو أكبر منها يشبع ما هو أكبر من العصفور، وعلى هذا حتى يشبع الكبير، وكذلك جنس الماء يروى الحيوان على هذا الحد، فكذلك النبيذ. قال الطبرى: يقال لهم: أخبرونا عن الشربة التى كان يعقبها السكر، أهى التى أسكرت شاربها دون ما تقدمها من الشربات أو أسكرت باجتماعها مع ما تقدمها، وأخذت كل شربة بحظها من الإسكار؟ . فإن قالوا: إنما أحدثت له السكر الشربة الآخرة، التى وُجد خبل العقل بعقبها. قيل لهم: وهل هذه التى حدث له ذلك عند شربها إلا كبعض ما تقدم من الشربات قبلها، حتى أنها لو انفردت دون ما تقدم قبلها كانت غير مسكرة وحدها، وإنها إنما أسكرت باجتماعها واجتماع غيرها فحدث عن جميعها السكر والخبل؟ ومما يبين صحة ذلك لو أن رطلاً من ماء العنب ألقيت فيه قطرة من خل فلم يتغير طعمه إلى الحموضة، ثم تابعنا ذلك بقطرات كثيرة كل ذلك لا يتغير له طعم الماء، ثم ألقينا آخر ذلك قطرة