فأجاز النخعى، والحسن البصرى، والزهرى الوضوء بالماء الذى قد توضئ به، وهو قول مالك، والثورى، وأبى ثور. وقال محمد بن الحسن، والشافعى: هو طاهر غير مُطَهِّر. وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: هو نجس، واحتجوا بأنه ماء الذنوب. قال ابن القصار: فيقال لهم: هذا مَثَلٌ ضربه النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أى كما يغسل الدرن من الثوب، كذلك تتحات الذنوب بالغسل، لا أن الذنوب شىء ينماع فى الماء ولا يؤثر فى حكمه، ثم إننا نعلم أن الذنوب تتحات من كل جزء عند أول جزء من الوجه، أو اليد ثم كلما انحدر على جزء آخر هو كذلك، فينبغى أن لا يجزئه ما مر على الجزء الثانى لأنه ماء الذنوب. ونقول: إن الإجماع حاصل على جواز استعمال الماء المستعمل، وذلك أن الماء إذا لاقى أول جزء من أجزاء العضو فقد صار مستعملا، ثم يُمرُّه على كل جزء بعده فيجزئه، ولو لم يجز الوضوء بالماء المستعمل لم يجز إمراره على باقى العضو، ولوجب عليه أن يأخذ لكل جزء من العضو ماءً جديدًا. فإن قالوا: الماء المستعمل عندنا هو إذا سقط عن جميع العضو، فأما ما دام على العضو فليس بمستعمل، قيل: يلزمكم أن لا يكون مستعملاً الأعضاء كلها، لأنه لا يصح أن تكون متوضئًا بغسل بعض الأعضاء وترك البعض مع القدرة، لأن الأعضاء كلها كالعضو الواحد فى حكم الوضوء.