العرب، وذلك أن خيبر لم تكن من البلاد التى اختطها المسلمون وكذلك نجران بل كانت لأهل الكتاب وهم كانوا عمارهم وسكانها فأمر رسول الله بإخراجهم منها حين غلب عليهم الإسلام، ولم يكن بهم إليهم ضرورة. وقد حدثنا أبو كريب حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله: (لا تصح قبلتان فى أرض) فإذا صح ما قلناه فالواجب على إمام المسلمين إذا أقر بعض أهل الكتاب فى بعض بلاد المسلمين لحاجتهم إليهم لعمارتها أو غير ذلك ألا يدعهم فى مصرهم معهم أكثر من ثلاث، وأن يسكنهم خارجًا من مصرهم كالذى فعل عمر وعلى، وأن يمنعهم اتخاذ الدور والمساكن فى أمصارهم، فإن اشترى منهم مشتر فى مصر من أمصار المسلمين دارًا، أو ابتنى به مسكنًا، فالواجب على إمام المسلمين أخذه ببيعها عليه، كما يجب عليه لو اشترى مملوكًا مسلمًا أن يأخذه ببيعه؛ لأنه ليس للمسلمين إقرار مسلم فى ملك كافر، فكذلك غير جائز إقرار أرض المسلمين فى غير ملكهم. قال غيره: وكذلك الحكم فى الرجل المسلم الفاسق، إذا شهد عليه أنه مؤذ لجيرانه بالسفه والتسليط، ويشكى به جيرانه، وصح ذلك عند الحاكم، أن له أن يخرجه من بين أظهرهم، وإن كان له دار أكراها عليه، فإن لم يجد لها مكر باعها عليه، ودفع الأذى عن جيرانه، ورأيت لابن القاسم أنه قال فى المؤذى: تكرى عليه الدار ولا تباع، وسيأتى هذا المعنى فى كتاب الأحكام إن شاء الله.