وأقرهم الصديق على نحو ذلك. فأما إقرارهم مع المسلمين فى مصر لم يكن تقدم فى ذلك قبل غلبة المسلمين عليه عقد صلح بينهم وبين المسلمين بما لا نعلمه صح به عنه، ولا عن غيره من أئمة الهدى خبر ولا قامت بجواز ذلك حجة، بل الحجة فى ذلك عن الأئمة ما قلناه. حدثنى محمد بن يزيد الرفاعى، حدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن قيس بن أبى الربيع، عن أبان بن تغلب، عن رجل قال: (كان منادى على ينادى كل يوم: لا يبيتن بالكوفة يهودى ولا نصرانى ولا مجوسى، الحقوا بالحيرة) . وحدثنا الرفاعى، حدثنا ابن فضيل، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس قال: (لا يساكنكم أهل الكتاب فى أمصاركم) قال أبو هشام الرفاعى: سمعت يحى بن آدم يقول: هذا عندنا على كل مصر اختطه المسلمون ولم يكن لأهل الكتاب فنزل عليهم المسلمون. قال الطبرى: وهذا قول لا معنى له؛ لأن ابن عباس لم يخصص بقوله: لا يساكنكم أهل الكتاب مصرًا سكانه المسلمون دون غيرهم، بل عم بذلك جميع أمصارهم، وإن دلالة أمره (صلى الله عليه وسلم) بإخراج اليهود من جزيرة العرب يوضح صحة ما قال ابن عباس وأن الواجب على الإمام إخراجهم من كل مصر غلب عليه الأسلام إذا لم يكن بالمسلمين إليهم ضرورة، ولا كانت من بلاد الذمة التى صولحوا على الإقرار فيها إلحاقا لحكمة بحكم جزيرة