حنين لأبى سفيان، وكما كلم أبو بكر الصديق فى قصة سلاح قتل أبى قتادة. وقوله: (كنا فى شقاء شديد) ففى ذلك وصف أنفسهم بالصبر والثبات على مضض العيش. وقوله: (نعرف أباه وأمه) فإنه أراد شرفه ونسبه؛ لأن الأنبياء لا تبعث إلا من أشراف قومهم، فوصف شرف الطرفين من الأب والأم. وقول النعمان للمغيرة: (ربما أشهدك الله مثلها) يريد ربما شهدت مع النبى فيما سلف مثل هذه الأحوال الشديدة، وشهدت معه القتال، فلم يندمك ما لقيت معه من الشدة، ولم يحزنك لو قفلت معه؛ لعلمك بما تصير إليه من النعيم، وثواب الشهادة. وقوله: (ولكنى شهدت القتال مع رسول الله كثيرًا) فهذا ابتداء كلام، واستئناف قصة أخرى، أعلمهم أن الرسول كان إذا لم يقاتل أول النهار ترك حتى تهب الرياح، يعنى: رياح النصر، وتحضر أوقات الصلوات، وقد بين هذا المعنى حديث حماد بن سلمة عن النعمان بن مقرن قال: (كان النبى إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تزول الشمس، وتهب رياح النصر) وقد تقدم هذا الحديث وإسناده فى الجزء الأول من الجهاد فى باب (كان النبى إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس) ، وأيضًا فإن أفضل الأوقات أوقات الصلوات، وفيها الأذان وقد جاء فى الحديث (أن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد) .