أُفقه، وأما حديث حفصة وقولها: (ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك) فإنه يوهم أنه عليه السلام أهل بعمرة وأنه تمتع؛ لأن الإحلال كان لمن تمتع، فهو توهم فاسد، وذكر (عمرتك) فى هذا الحديث وتركها سواء؛ لأن المأمورين بالحل هم المحرمون بالحج ليفسخوه فى عمرة، ويستحيل أن يأمر بذلك المحرمين بعمرة؛ لأن المعتمر يحل بالطواف والسعى والحلاق، لا شك فى ذلك عندهم، وقد اعتمروا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عُمَرًا، وعرفوا حكم العمرة فى الشريعة، فلم يكن يعرفهم بشىء فى علمهم، بل عرفهم بما أحل الله لهم فى عامهم ذلك من فسخ الحج فى عمرة لما أنكروه من جواز العمرة فى زمن الحج. وللعلماء فى قول حفصة: (ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك؟) ضروب من التاويل، فقال بعضهم: إنما قالت له ذلك لأنها ظنت أنه عليه السلام كان فسخ حجه فى عمرة كما أمر بذلك من لا هدى معه من أصحابه وهم الأكثر، فذكر لها عليه السلام العلة المانعة من الفسخ، وهى سوقه للهدى، فبان أن الأمر ليس كما ظننته. وقيل: معناه ما شأن الناس حلوا من إحرامهم، ولم تحل أنت من إحرامك الذى ابتدأته معهم بنية واحدة، بدليل قوله: (لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى، ولجعلتها عمرة) . فعلم بهذا أنه لم يحرم بعمرة، هذا قول ابن القصار. وقيل: معناه: لِمَ لَمْ تحل من حجك بعمرة كما أمرت أصحابك؟ وقالوا: قد تأتى (من) بمعنى (الباء) ، كما قال تعالى: