إلى اليمن قبل حجة الوداع) ، وأيضًا قوله فى حديث عائشة: (لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى، ولجعلتها عمرة) وهذا نص قاطع أنه عليه السلام لم يهل بعمرة، وليس فى قوله: (لو استقبلت من أمرى ما استدبرت، ما سقت الهدى، ولجعلتها عمرة) دليل أن التمتع أفض من القران كما زعم أحمد بن حنبل، وإنما قال ذلك من أجل ما كَبُرَ عليهم مخالفة فعله لفعلهم حين بقى على إحرامه ولم يحل معهم حين أمرهم بفسخ الحج والإحلال وإصابة النساء، فشق ذلك عليهم وقالوا: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس، أمرنا أن نحل إلى نسائنا فنأتى عرفة تقطر مذاكرنا المنى، فآنستهم النبى عليه السلام وقال لهم: (قد علمتم أنى أصدقكم لله وأبركم، ولولا هدبى لتحللت كما تحلون) فسكنوا إلى قوله وطابت نفوسهم، وسأذكر ما روى عن عروة، عن عائشة مما يوهم أن النبى عليه السلام تمتع، فى باب: من ساق الهدى معه إن شاء الله وأبين الشبهة فيه. وأما قول أهل مكة لأبى شهاب حين قدم مكة متمتعًا: تصير حجتك الآن مكية، فمعنى ذلك أنه ينشئ حجة من مكة إذا فرغ من تمتعه كما ينشئ أهل مكة الحج من مكة؛ لأنها ميقاتهم للحج؛ لأن غير أهل مكة إن أحلوا من العمرة فى أشهر الحج، وأنشئوا الحج من عامهم دون أن يرجعوا إلى أُفُقِهم أو أُفُقٍ مثل أُفُقهِم فى البعد، فعليهم فى ترك ذلك الدم. ولو خرج إلى الميقات بعد تمام العمرة ليهل بالحج منه لم يسقط ذلك عنه الدم عند مالك وأصحابه إلا أن يكون الميقات أُفُقه أو مثل