يحتمل أن يكون إنما ضاعف اعتكافه فى العام الذى قبض فيه من أجل أنه علم بانقضاء أجله، فأراد أن يستكثر من عمل الخير؛ ليسن لأمته الاجتهاد فى العمل إذا بلغوا انقضاء العمر ليلقوا الله على خير أحوالهم. وقد روى ابن المنذر حديثًا دل على غير هذا المعنى قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا عفان، حدثنا حماد، حدثنا ثابت، عن أبى رافع، عن أبى بن كعب (أن النبى عليه السلام كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عامًا فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين ليلة) . وقوله: (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعتكف فى كل رمضان) فهذا يدل على أن الاعتكاف من السنن المؤكدة؛ لأنه مما واظب عليه النبى عليه السلام فينبغى للمؤمنين الاقتداء فى ذلك بنبيهم، وذكر ابن المنذر عن ابن شهاب أنه كان يقول: عجبًا للمسلمين تركوا الاعتكاف، وإن النبى عليه السلام لم يتركه منذ دخل المدينة كل عام فى العشر الأواخر حتى قبضه الله. وروى ابن نافع عن مالك قال: ما زلت أفكر فى ترك الصحابة الاعتكاف، وقد اعتكف النبى حتى قبضه الله تعالى وهم أتبع الناس بآثاره، حتى أخذ بنفسى أنه كالوصال المنهى عنه، وأراهم إنما تركوه لشدته، وأن ليله ونهاره سواء، قال مالك: ولم يبلغنى أن أحدًا من السلف اعتكف إلا أبو بكر بن عبد الرحمن. واسمه المغيرة، وهو ابن أخى أبى جهل، وهو أحد فقهاء تابعى المدينة. قال ابن المنذر: روينا عن عطاء الخرسانى أنه قال: كان يقال: