قالا: لا اعتكاف إلا بصوم لقول الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ (إلى) الْمَسَاجِدِ) [البقرة: 187] فإنما ذكر الله الاعتكاف مع الصيام، قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا، واحتج أهل المقالة الأولى فقالوا: لو كان الاعتكاف لا يصح إلا بصوم؛ لم يكن لنهيه تعهالى عن المباشرة لأجل الاعتكاف معنى. قال ابن القصار: فالجواب أن الله تعالى لما ذكر الوطء فى أول الآية وعلق حظره بالصوم فى النهار، عطف عليه حكم الاعتكاف، وذكر حظر الوطء معه؛ لأنه قد يصح فى وقت لا يصح فيه الصوم وهو زمن الليل. ولو وطئ ليلا فسد اعتكافه فهذه فائدة ذكره للوطء بعد تقدم ذكره، وأما احتجاجهم بأن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال لعمر فى الليلة: (أوف بنذرك) . فالمعنى أنه أراد ليلة بيومها، وقد يعبر عن اليوم بالليلة كما قال تعالى: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) [الأعراف: 142] فأراد تعالى الليالى بأيامها، وقد روى عمرو بن دينار عن ابن عمر: (أن عمر قال للنبى عليه السلام بالجعرانة: إنى نذرت أن أعتكف يومًا وليلة) . فهذا أصل الحديث، فنقل بعض الرواة ذكر الليلة وحدها، ويجوز للراوى نقل بعض ما سمع.
/ 16 - فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ، عليه السَّلام، يَعْتَكِفُ فِى كُلِّ شهر رَمَضَانٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ.