ذلك كما كان الرسول يفعله، فيصوم مرة الأيام البيض، ومرة غرة الهلال، ومرة الاثنين والخميس، إذ كان لأمته الاستنان به فيما لم يعلمهم أنه له خاص دونهم، روى ابن القاسم عن مالك فى العتبية أنه كره تعمد صوم الأيام البيض، وقال: ما هذا ببلدنا، وقال: الأيام كلها لله، وكره أن يجعل على نفسه صوم يوم يؤقته أو شهر، قال عنه ابن وهب: فإنه لعظيم أن يجعل على نفسه صوم يوم يؤقته أو شهر كالفرض، ولكن يصوم إذا شاء، ويفطر إذا شاء. قال ابن حبيب: وبلغنى أن صوم مالك بن أنس أول يوم من الشهر واليوم العاشر واليوم العشرون.
/ 68 - فيه: أَنَسٍ: دَخَلَ النَّبِىُّ، عليه السلام، عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، فَقَالَ: (أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِى سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِى وِعَائِهِ، فَإِنِّى صَائِمٌ) ، ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْبَيْتِ، فَصَلَّى غَيْرَ الْمَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لأمِّ سُلَيْمٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِى خُوَيْصَّةً، قَالَ: (مَا هِيَ) ؟ قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلا دُنْيَا إِلا دَعَا لِى بِهِ، قَالَ: (اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالاً وَوَلَدًا وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ) ، فَإِنِّى لَمِنْ أَكْثَرِ الأنْصَارِ مَالا، وَحَدَّثَتْنِى ابْنَتِى أُمَيْنَةُ أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِى مَقْدَمَ الحَجَّاجٍ الْبَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ. فى هذا الحديث حجة لمالك والكوفيين أن الصائم المتطوع لا ينبغى له أن يفطر بغير عذر ولا سبب موجب للإفطار، وليس هذا الحديث بمعارض لإفطار أبى الدرداء حين زاره سلمان وامتنع من الأكل إن لم