يليه كذلك، وهى عائشة أم المؤمنين، ومنهم من كان يصوم آخر الشهر، وهو النخعى ويقول: هو كفارة لما مضى، فأما الذين اختاروا صوم الاثنين والخميس فلحديث أم سلمة وأخبار أخر رويت عن النبى، عليه السلام، أن الأعمال تعرض على الله فى الاثنين والخميس، فأحبوا أن تعرض أعمالهم على الله وهم صيام، وأما الذين اختاروا ما اختارت عائشة فلئلا يكون يوم من أيام السنة إلا قد صامه، وأما الذين اختاروا ذلك من أول الشهر فلما رواه شيبان عن عاصم بن بهدلة، عن زر عن عبد الله بن مسعود، قال: (كان النبى، عليه السلام، يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام) . قال الطبرى: والصواب عندى فى ذلك أن جميع الأخبار عن النبى، عليه السلام، صحاح، ولكن لما صح عنه أنه اختار لمن أراد صوم الثلاثة الأيام من كل شهر الأيام البيض، فالصواب اختيار ما اختار عليه السلام، وإن كان غير محظور عليه أن يجعل صوم ذلك ما شاء من أيام الشهر، إذ كان ذلك نفلا لا فرضًا. فإن قيل: أو ليس قد قلت أن النبى، عليه السلام، كان يصوم الاثنين والخميس، ويصوم الثلاثة من غرة الشهر؟ . قيل: نعم، ولا يدل على أن الذى اختار للأعرابى من أيام البيض ليس كما اختار وأن ذلك من فعله دليل على أن أمره للأعرابى ليس بالواجب، وإنما هو أمر ندب وإرشاد، وأن لمن أراد من أمته صوم ثلاثة أيام من كل شهر تخير ما أحب من أيام الشهر، فيجعل صومه فيما اختار من