الحديث (أن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى) ، وقال عليه السلام: (أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإِنْ قَلَّ) ، وقال: (اكلفوا من العمل ما تطيقون) ، فنهى عليه السلام عن التعمق فى العبادة وإجهاد النفس فى العمل خشية الانقطاع، ومتى دخل أحد فى شىء من العبادة لم يصلح له الانصراف عنها. وقد ذم الله من فعل ذلك بقوله: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا) [الحديد: 27] الآية، فوبخهم على ترك التمادى فيما دخلوا فيه، ولهذا قال عبد الله بن عمرو حين ضعف عن القيام بما كان التزمه: (ليتنى قبلت رخصة رسول الله) .
/ 65 - فيه: عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَمْرٍو: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ أَنِّى أَقُولُ: وَاللَّهِ لأصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلأقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى، قَالَ: (فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ) ، قُلْتُ: فَإِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: (فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ) ، قُلْتُ: إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: (فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ) ، فَقُلْتُ: إِنِّى أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ عليه السلام: (لا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ) .