بالحجامة وغيرها، وهذا سؤال لهم جيد، فنقول: إن الخبر لم ينقل إلا لفائدة، فهذا يقتضى أنه وجد منه كمال الحجامة وهو صائم لم يتحلل من صومه فأفطر بعد ذلك إذ الراوى لم يقل: احتجم فأفطر، وعندكم أن الفطر يقع بأول خروج الدم، ولا يبقى صائمًا إلى أن تتم الحجامة، والخبر يقتضى أن يكون صائمًا فى حال حجامته وبعد الفراغ، والحجامة كالفصاد وهو لا يفطر الصائم، قال الطحاوى: وليس ما رووه من قوله عليه السلام: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، ما يدل أن ذلك الفطر كان لأجل الحجامة، وإنما كان بمعنى آخر كانا يفعلانه، كما يقال: فسق القاسم، ليس بأنه فسق بقيامه، ولكنه فسق بمعنى آخر غير القيام. وروى يزيد بن ربيعة الدمشقى عن أبى الأشعث الصنعانى قال: إنما قال رسول الله: (أفطر الحاجم والمحجوم) ، لأنهما كانا يغتابان، وليس إفطارهما ذلك كالإفطار بالأكل والشرب والجماع، لكن حبط أجرهما باغتيابهما، فصار بذلك مفطرين، لا أنه إفطار يوجب عليهما القضاء، كما قالوا: الكذب يفطر الصائم، إنما هو بمعنى حبوط الأجر، وقد روى عن جماعة من الصحابة فى ذلك معنى آخر، روى قتادة عن أبى المتوكل الناجى، عن أبى سعيد الخدرى قال: إنما كرهت الحجامة للصائم، من أجل الضعف، وعن ابن عباس، وأنس بن مالك مثله، فدلت هذه الآثار على أن المكروه من أجل الحجامة فى الصيام هو الضعف الذى يصيب الصائم فيفطر من أجله بالأكل والشرب، وقد روى هذا المعنى عن أبى العالية، وأبى قلابة، وسالم، والنخعى، والشعبى، والحسين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015