المقصود أن مثل هذا الموضوع هو المقصود الأصلي من العلم، والذي لا يتصف بالخشية دليل حصري في قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] يدل على أنه ليس من أهل العلم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال عن نفسه أنه ((أنا أخشاكم وأتقاكم وأعلمكم بالله)) قال: ((أجودكم وأشجعكم)) المقصود أن هذه أوصافه -عليه الصلاة والسلام-، فالذي لا يتصف من الخشية من الله -جل وعلا- فإنه حينئذٍ لا ينفعه علمه، ونرى بعض فروع العلم تؤخذ مجردة، ولذا كثير ممن يتخصص بطلب بعض فروع العلم أو تعليم بعض فروع العلم تجد له شيء من الجفوة، ويلجأ بعض الناس إلى أناس غير مرضيين من كل وجه، فيقول: نكتسب منهم رقة القلوب والسبب في هذا أن هذا الجانب أهمل في تدريس نصوص الكتاب والسنة، فاحتيج إلى أن يدرس عند أناس ليست لهم عناية بالكتاب والسنة، أشبه ما يكونون بالعوام، لكنهم اهتموا بهذا الجانب.
ولا شك أن عناية أهل العلم ينبغي أن تنصب لهذا الجانب، وعناية طلاب العلم ينبغي أن تتجه إلى معرفة أمراض القلوب، وأدواء هذه الأمراض عند أهل العلم المحققين من أمثال ابن القيم وابن رجب، ولا مانع أن يستفاد ممن كتب في هذا الباب، وفيه أيضاً نفع وإن كان عليه ما يلاحظ من مثل الغزالي ومختصرات كتابه كـ (موعظة المؤمنين) و (منهاج القاصدين) و (عين العلم وزين الحلم) كلها فيها أمور تفيد في هذا الباب، لكن لا تسلم من شيء من المخالفات، فتقرأ على حذر، أما كتب ابن القيم وابن رجب فهي فيما نعتقده أنها لا إشكال فيها -إن شاء الله تعالى-، في بعض الأشياء اللي في (مدارج السالكين) يعني ابن القيم قد نقول: إنه جامل صاحب المتن، وصاحب المتن عنده خلل، عدل كثيراً من كلامه، عدل كثير من كلامه على ضوء الكتاب والسنة، وبقي بعضه يحتاج إلى شيء من التعديل أو شيء من الحذف والاختصار، وقام الشيخ حامد الفقي حينما حقق الكتاب وعلق على بعض المواطن، لكن شد على ابن القيم، يعني زاد في النقد، وعلى كل حال الكتاب مفيد ونافع وفيه درر وفوائد، لا توجد في غيره فيما يتعلق بأعمال القلوب، وكذلك كتبه الأخرى: (طريق الهجرتين) (مفتاح دار السعادة) في أيضاً ....