ومن ذلك: المنادى النكرة، المنادى النكرة يختلف إذا كانت هذه النكرة مقصودة أو غير مقصودة، شخص مبصر يقول: يا رجل، هذا يقصد هذا الرجل الذي أمامه، وحينئذٍ يقال: يا رجلُ، وإذا كان أعمى يريد أن يجيزه الشارع قال: يا رجلاً؛ لأنه لا يقصد شخصاً بعينه.
ومن ذلك المنادى النكرة إن قصد نداء واحد بعينه تعرف، ووجب بناؤه على الضم، وإن لم يقصد لم يتعرف وأعرب بالنصب.
يعني على ما قالوا: المتكلم والمكلَم لا يحتاج إلى تعريف ولا يحتاج إلى وصف؛ لأنه لا يشتبه بغيره، لا المتكلِم ولا المكلَم، لكن إذا لم يكن غير مقصود كقول الأعمى يمثلون بهذا في كتب النحو كلها: يا رجلاً خذ بيدي.
ثم قال: وفروع ذلك كثيرة بل أكثر مسائل علم النحو مبنية على القصد، وفروع ذلك كثيرة بل أكثر مسائل علم النحو مبنية على القصد، يعني لو استعرضنا المسائل يكون كلامه دقيق وإلا غير دقيق؟ إن كان الأكثر من حيث دخولها في حد الكلام في العربية في النحو هذا كلام صحيح، لكن إن كان في مفردات ومسائل أبواب النحو فكلامه فيه نظر.
وقال: تجري هذه القاعدة في العروض، في أوزان الشعر، تجري هذه القاعدة في العروض، فإن الشعر عند أهله: كلام موزون مقصود به ذلك، يعني لو أن إنسان نطق بكلام لا يقصد به الشعر ثم لما وزن وجد على أوزان الشعر يسمى شعر وإلا ليس بشعر؟ ((أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب)) هذا ليس بالشعر، على أن منهم من قال: لا يمنع أن يكون شعراً، وأن التلفظ ببيت أو بيتين أو أبيات لا يجعل الإنسان شاعراً بهذه الأبيات اليسيرة.
قال السيوطي: وتجري هذه القاعدة في العروض، فإن الشعر عند أهله: كلام موزون مقصود به ذلك، أما ما يقع موزوناً اتفاقاً لا عن قصد من المتكلم فإنه لا يسمى شعراً، وعلى ذلك خرج ما وقع في كلام الله تعالى كقوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] أو كلام رسوله -عليه الصلاة والسلام- كقوله: ((هل أنتِ إلا إصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت)).