هذا الكلام ظاهر، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ لماذا لا يراد الاثنين معاً؟ هو يقول: أما عندنا -الحنفية- فلأن المشترك لا عموم له، الآن المقدر إن قدرناه مشترك بين الأمرين فالمشترك لا عموم له، لا بد أن ينص أن يدل على أحد النوعين؛ لأن المشترك لا عموم له، وإذا قلنا: إنه بعد انتفاء الحقيقة التي انتفت عقلاً لم يبق سوى المجاز بشقيه الذي قول الجمهور نوع من .. ، هو مجاز مجاز هذا الاستعمال، وأيضاً قول الحنفية مجاز من جهة أخرى الذي هو تقدير الثواب، والمجاز لا عموم له عند الشافعية، فلا يمكن أن يراد هذا ولا يراد هذا، هذا قول العيني: "أما عندنا فلأن المشترك لا عموم له، وأما عند الشافعي فلأن المجاز لا عموم له، بل يجب حمله على أحد النوعين فحمله الشافعي على النوع الثاني" لماذا؟ لأن اللفظة شرعية، جاءت بنص شرعي فلا بد أن تحمل على ما يقتضيه الحكم الشرعي.
قال: "فحمله الشافعي على النوع الثاني بناءً على أن المقصود الأهم من بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- بيان الحل والحرمة والصحة والفساد ونحو ذلك، فهو أقرب إلى الفهم فيكون المعنى أن صحة الأعمال لا تكون إلا بالنية فلا يجوز الوضوء بدونها".
يعني إذا قلنا: إن صحة الإعمال يكون الحديث من أحاديث الأحكام الموغلة في القوة في هذا الباب، وإذا قلنا: ثواب الأعمال صار الحديث من باب الفضائل، لا يكون من باب الأحكام، والشرع إنما جاء لتقرير الأحكام، وهذا الذي يرجح قول الشافعية.
وحمله أبو حنيفة على النوع الأول أي ثواب الأعمال لا يكون إلا بالنية وذلك لوجهين: أن الثواب ثابت اتفاقاً، الثواب ثابت اتفاقاً، يعني حتى عند الشافعية عند الحنابلة عند المالكية الثواب ثابت عند الجميع متفق عليه، إذ لا ثواب بدون النية فلو أريد الصحة أيضاً لزم عموم المشترك أو المجاز، فلا نستطيع أن نجمع بين الثواب والصحة، وإذا قدرنا الصحة لزم الثواب، فلا نستطيع أن نقرر هذا على حد زعمه، على حد زعم العيني.
الثاني: أنه لو حمل على الثواب لكان باقياً على عمومه، يعني يتفقون في كون النية تحصل الثواب، إذ لا ثواب بدون النية أصلاً بخلاف الصحة فإنها قد تكون بدون النية كالبيع والنكاح، بدون النية كالبيع والنكاح.