شوف إن النية تدخل في كل شيء، والمدار والمعول عليها، انتبهت الأم فقالت: يا فلان اسقني ماءاً كأنه لم يسمع، جاء ثلاثة آلاف كيلو ماشي أو أكثر كأنه لم يسمع، ثم قالت: يا غلام اسقني ماءاً وهذه قصة كررناها مراراً لكن لا مانع؛ لأن مناسبتها لهذا الكلام الذي نتكلم فيه الآن ظاهرة، ثم قالت في الثالثة: يا فلان اسقني ماءاً، فراجع نفسه وأفاق قال: حج ماشي ثلاث مرات من بغداد إلى مكة وتجود به نفسي ويسهل علي، والأم خطوات تريد الماء، خطوات من داخل البيت ويصعب؟! لا بد أن في النية خللاً، فلما أصبح استفتى فوقع أول ما وقع على الفقهاء من النوع الثاني، فقهاء الباطن الذين ينظرون إلى المقاصد والقلوب، وقال له: أعد حجة الإسلام، لكن لو سأل فقيه ونظر باب الحلال والحرام قال: حجك صحيح، الأركان موجودة والشرائط موجودة والواجبات كلها مؤداة، ما عندك مشكلة، ولا يساق هذا الكلام على ترجيح ما قاله بأن حجة الإسلام .. ، لا، الناس ما لهم إلا الظاهر ويحكمون بموجبه، بموجب الظاهر، وما وضعت الأركان والشروط عند أهل العلم والواجبات والسنن إلا لتطبق عليها الأحكام العامة، لكن هو من تلقاء نفسه لو أنه راجع نفسه وقال: هذا قصدي، وهذا صنيعي يدل على سوء قصدي، وأعاد الحج لا يلام، أما أن يفتى بأن حجه لا يجزئ ولا يسقط الطلب، ويؤمر بالحج من جديد هذا يليق بفئة من الناس، يعني ارتباطهم بأعمال القلوب، ارتباطهم بأعمال القلوب يمكن أن يقولون مثل هذا الكلام.

على كل حال يقول العيني: وإذا صار اللفظ مجازاً عن النوعين المختلفين، اللفظ مجاز عن النوع الأول، يعني يراد به النوع الأول ويراد به النوع الثاني على حد سواءً، يعني ليس النظر إليه من الجهة التي تدخل في النوع الأول أولى من النظر إليه من الزاوية الأخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015