وقال غيره: بل تفيد غير ما أفادته الأولى؛ لأن الأولى: نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها فيترتب الحكم على ذلك، والثانية: أفادة أن العامل لا يحصل إلا ما نواه، أن العامل لا يحصل إلا ما نوى، فمن دخل في العبادة بنية خالصة لله سبحانه صح العمل، وسقط به الطلب، وأجزأ فاعله فلا يؤمر بالإعادة، لكن ليس له من ثواب العبادة إلا ما عقله وقصده منها، فقد يصلي صلاة مجزئة مسقطة للطلب، لكن ليس له من ثوابها إلا النصف، أو الربع، أو العشر، وهكذا -يعني على ما ذكرنا في المثال-.

طالب:. . . . . . . . .

نعم، مثل ما نظرنا في الصلاة -يعني نفسها- يعني قدر الثواب زيادة ونقصاً، بقدر ما عقل منها، فليس له من صلاته وليس له من عبادته إلا ما نواه -يعني ما عقله منها-.

طالب:. . . . . . . . .

افترض أن شخصاً دخل في صلاته مخلصاً لله -جل وعلا- فكبر ثم غفل عنها، أخذ ذهنه يسرح يميناً وشمالاً ما عقل إلا الشيء اليسير منها، هل نقول أن نيته كافية؟ يعني كما نقول في الوضوء، نقول في الوضوء: النية يجب استصحاب حكمها، ولا يجب استصحاب ذكرها -يعني قصد محل الوضوء ليرفع الحدث- هذه نيته، وشرع في الوضوء سرح ذهنه وضوؤه صحيح، ولا يختلف عمن لم يسرح؛ لأن الواجب في الوضوء استصحاب الحكم، لا استصحاب الذكر، لا استصحاب الذكر، استصحاب الحكم بأن لا ينوي قطعها قبل تمامها، بأن لا ينوي قطع الطهارة قبل تمامها، بينما استصحاب الذكر ليس بلازم؛ لأنه هو الآن العبادة محسوسة، ويؤديها على الوجه الشرعي، لكن هل نقول: إن استصحاب الذكر لا قيمة له مطلقاً، أو أنه يستصحب الذكر أيضاً من أجل أن يؤدي غسل الأعضاء على الوجه المأمور به، على الوجه الذي شرح أن وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: ((من توضأ نحو وضوئي هذا))؛ لأنه إذا غفل لا يدري هل يغسل مرة، أو مرتين، أو ثلاث، حينما يقول؟ لكن مثل هذا لا يخل بالوضوء، الوضوء صحيح، لكن الأجر المرتب عليه، الأجر المرتب على الثلاث غير الأجر المرتب على غسلتين، أو واحدة، والإسباغ أيضاً يختلف وضعه عن مجرد المجزئ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015