قال البخاري رحمه الله: [باب: إذا سلم في ركعتين أو ثلاث فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول].
وهذا الحديث هو العمدة عند العلماء في سجود السهو، بل إن من المؤلفين والمصنفين من ألف وصنف له مجلداً يزيد عن (500) صفحة، ويسمى حديث (ذو اليدين)، فهذا الحديث نار على علم كحديث العرنيين.
والعرنيون هم الذين نزلوا إلى المدينة فلم يتأقلموا مع مناخها فأصيبوا بمرض، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يشربوا من أبوال الإبل ومن ألبانها، فأبوال الإبل شفاء، وقد أثبت ذلك الطب المعاصر، فذهبوا إلى إبل الصدقة فشربوا من أبوالها ومن ألبانها وعادوا أصحاء، وبعد أن صحوا عمدوا إلى راعي الإبل فقتلوه وأخرجوا عينه وأدخلوا فيها أسياخ النيران، ومثلوا بجسده، وجروه وسحبوه في حرارة الشمس على الصحراء، فأمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقتلوا وسملت أعينهم.
والجزاء من جنس العمل.
حديث (ذو اليدين) حديث عمدة في سجود السهو، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إحدى صلاتي العشي -أي: الظهر أو العصر- ركعتين ثم سلم، وفي القوم أبو بكر وعمر ورجل يسمى ذا اليدين، فتأخر النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخر المسجد، وشبّك بين أصابعه، ووضع يده على خده وهو منطلق، وفي آخر المسجد قال له ذو اليدين: (يا رسول الله! أقصرت الصلاة أم نُسّيت؟ قال: لم؟ قال: صليت بنا ركعتين.
فقال لأصحابه: أحقاً ما قال ذو اليدين؟ فقالوا: نعم يا رسول الله! فأتى من مؤخرة المسجد إلى مكان الإمام، ثم كبّر وصلى ركعتين إضافيتين) إذاً: أتم أربعة، ثم سلّم وسجد للسهو بعد التسليمتين، ثم التفت إلى أصحابه قائلاً: (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإن نُسّيت فذكّروني) صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث فوائد عديدة، عدها بعض العلماء إلى أكثر من مائة فائدة، والمقام لا يتسع لذكرها، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين ولم يتسع الفصل: (أحقاً ما قال ذو اليدين؟).
(صليت بنا ركعتين).
(أي نعم يا رسول الله!) فهذا حوار بعد الصلاة، وأتى وصلى ركعتين؛ لأن الفاصل لم يتسع، فإذا صلى بنا الإمام الظهر ركعتين فقط وسلمنا معه، ثم خرجنا إلى الأعمال وأتينا بخبز من الفرن وذهبنا إلى العمل ومضينا، وبعد ساعتين أراد الإمام أن يصلي بنا ركعتين، فهنا لابد من الاستئناف؛ لأن الفاصل قد زاد وطال، والحد الذي يقدر الوقت هو العرف.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا! اللهم إنا نسألك علماً نافعاً! ونعوذ بك يا رب من علم لا ينفع آمين آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.